السبت، 27 أغسطس 2011

مجرد رقم - قصة قصيرة

كنت أحمل طفلتى ذات الثلاث أعوام وأمها -زوجتى- تسير بجوارى ونحن نقوم بذلك التسوق الشهرى الذى أعتدناه فى بداية كل شهر، دائماً ما تستغرق زوجتى وقتاً فى البحث عن ما تريد فأقف بالخارج أنتظرها، كنت ألاعب الصغيرة كعادتى حين مرت هى أمامى، وتوقف الوقت!
رفضت عقارب الساعة التحرك، رفضت الدقائق والساعات المجىء والمرور بسرعة كعادتهم، كل شىء دفعنى للعودة إلى الخلف، إلى ذلك اليوم الذى رأيتها فيه للمرة الأولى ..

كنت قد خرجت من تجربة عاطفية فاشلة تعد الأولى فى حياتى ومررت بكل الاعراض التى تتبع هذه المواقف عادة فالأمر يشبه جهاز قياس ضربات القلب كلما كنت مع أحدهم يخفق القلب فرحاً وسعادة وتُظهر المؤشرات ذلك على شكل خط راقص وصوت رنين متقطع ما أن تسمعه حتى تشعر معه بالأمان وعندما ينتهى كل شىء ويتوقف كل هذا يعبر عنه الجهاز بشكل خط مستقيم دون حركة أو حس وصوت رنين متصل غاية فى الازعاج ويستمر الأمر هكذا إلى أن يأتى أحدهم ويعود معه قلبك للخفقان، وهى نجحت فى جعل قلبى يخفق ثانية ..

قابلتها للمرة الأولى فى شركتى الخاصة بالإستيراد والتصدير، كانت أحدى صغار العملاء لذا كان من الطبيعى أن التعامل بيننا لم يكن مباشراً ولكن هذه المرة أرادت شحنة كبيرة نوعاً ما فأستلزم الأمر لقائها بمدير الشركة، ومضت ثلاث ساعات من الحديث بالفعل وقد إتفقنا فى نهايتها على تحديد موعد جديد لبدء الحديث عن العمل، وفى كل مقابلة نتحدث عن أى شىء سوى العمل لنحدد موعد جديد ..

وأحببتها ..
بكل ما تحمل الكلمة من معنى أحببتها، يشهد على ذلك كل قطرة من الدماء مرت عبر صمامات قلبى ثم بدأت أسئل عنها بعض المعارف كإجراء طبيعى قبل أن أصارحها بالموضوع تمهيداً للخطبة، وجائت النتائج مخيبة للأمال، فقد فسخت خطبتها إثنى عشر مرة من قبل! الرجال بالنسبة لها كانوا مجرد أرقام يتساقطون منها!
ولكننى كنت متأكد إننى أختلف عنهم جميعاً وصارحتها بالأمر فأخبرتنى أنها منجذبة ناحيتى بعض الشىء وسار الأمر على نحو رائع وحددنا موعد الخطبة وبالفعل خطبتها وحتى لا يتكرر معى الأمر تمسكت بموعد زفاف قريب، ولكن قبل ذلك الموعد بأسبوع التقينا ودار بيننا حديث ..

- لن أستطيع، أنا حقاً أسفة!
- ماذا حدث؟ هل أغضبك منى شىء؟
- لا، أنت لست السبب، أنا فقط لا أستطيع
- لا يمكن أن ينتهى الأمر هكذا، إنتظرى!

وذهبت ..
ذهبت تاركة جرحاً عميقاً ليس فقط فى قلبى ولكن فى عقلى الذى إعتقد أننى سأكون مختلفاً، ولكننى فى النهاية أصبحت مثلهم جميعاً، مجرد رقم!

قطعت زوجتى سيل الذكريات هذا وأعاد صوتها الوقت لحالته الطبيعية حيث سألت بلهجة حذرة ملؤها الشك والغيرة: ومن تكون هى؟
فأجبت ببساطة وبإبتسامة صادقة: إنها، لا شىء، مجرد رقم، رقم إثنان!


***

الجمعة، 12 أغسطس 2011

صرخة طالب (2) - قصص ساخرة

1- بدلة وكرش

فى ليلة الإمتحان التى تكون عند البعض ليلة مراجعة وعند البعض الأخر ليلة مذاكرة كنت اجلس هادئاً مع صديقى اللدود امام محل عصير القصب الذى نقف امامه عادة عندما نلتقى وكان بالتلفاز استضافة لأحد الشخصيات والذى ما أن رأيته حتى رددت: بدلة وكرش!
فقال بائع القصب فى سخرية: ده البسطاويسى مرشح الرئاسة
فوجدت صديقى يقول ببساطة: دى من أهم شروط الترشح، بدلة وكرش!
ليلتها روحت وكلمة انتخابات تدور برأسى وتذكرت ما حدث أثناء الامتحانات السابقة التى جاءت قرب انتخابات مجلس الشعب، وكانت العربات المحملة بمضخمات الصوت تجول حاملة أغنية واحدة تتكرر دون ملل أو كلل ..

"ذكريا عزمى، ذكريا عزمى، اقولها بكل عزمى"

سمعتها لألاف المرات حتى إننى كدت اكتب أسمى فى ورقة الإجابة  "ذكريا" ورقم الجلوس "عزمى"
اخذت نفس صعداء وأنا احمد الله على مرور تلك الايام ولكن خاطر أخر جه على بالى -حبكت ليلة الامتحان-
ماذا لو وصل عمرو موسى للحكم؟ أتصور نفسى أهاجمه على الانترنت، وضباط الامن الوطنى يمسكون بى وأحدهم يؤنبنى فى سخط: حد يعمل كدة فى بابا عمرو؟
ثم أقف امام القاضى الذى يصرخ بوجهى: أنت عيل اجندة، إعداااااااام! فصرخت: لااااااا!
وأفقت من الخاطرة الفظيعة دى ..



2- تخلف

لو كنت تعلمت درس من الترم الاول سيكون الذهاب مبكراً عشان الحق مكان فى البنجات إللى ورا، وألا اقضى ليلة الإمتحان فى قزقزة اللب الخشبى!
وبدأت اول إمتحان والمُسمى إمتحان تخلف، دخل المراقب اللجنة ومنذ لحظة دخوله وهو يضع عيناه علىّ بطريقة مريبة، وعندما حان منتصف الوقت وجدته يميل علىّ هامساً: أنا مش مستريحلك على فكرة!
فقفزت صائحاً: سبحان الله، شعور متبادل!
فخرجت الكلمات من تحت اسنانه: ورقتك يا خفيف
فسلمتها له راغماً وأنا اقول: أنا محستش بالتغيير ونازل اتمشى فى التحرير، أجبلك كنتاكى؟



3- لجنة الفيس بوك

فى أحدى الإمتحانات ومع حلول منتصف الوقت الذى تعلو معه اصوات المتهامسين كالعادة، وبينما اجلس فى لجنة هى عبارة عن ممر يمر به كل المنتهين من الإمتحان فى اللجان الأخرى علت اصوات غريبة ..
أحذية البنات التى تصدر صوتاً مزعجاً!
وتحولت اللجنة لتحاكى الموقع الأشهر الفيس بوك حيث تبادل الجميع اللايكات والكومنتات الظريفة ولا مانع من طلب إضافة هنا وهناك لهذا إذاً أسموها مواد تخلف!



4- خاطر كدة

جلست ممسكاً بالملزمة وزووم على عينى حيث بدت زائغة وهو ما يعنى إن أنا بمر بخاطر كدة، من قائل تلك العبارة العجيبة أن الطريق لقلب الرجل معدته؟ مؤكد طباخ ايطالى بدين!
فهذه المقولة عارية تماماً من الصحة، أنا مثلا لا يطيب لى الاكل إلا من برا البيت -ليس لسوء اكل البيت لا سمح الله، أمى تقرأ هذه القصص أحياناً ولازم أخد حذرى- ولكن أجد طعام الشارع كما يسمونه أفضل!
هل معنى هذا إننى أحببت ابو عمار السورى مثلاً -أيوة دعاية مقنعة-
أفقت من الخاطرة وأنا اتسائل ما الذى جعلنى اتذكر كل هذا الأن؟
أه، أنا جعان!
رحلة سريعة للثلاجة ونكمل الخواطر ..
قصدى المذاكرة
الثلاجة، كم أعشقها تلك الساحرة المستطيلة!



5- اسئلة الإمتحانات

 بعد مرور امتحانين كمان اكتشفت حاجتين مهمين جداً ..
أولاً إننا فى مصر مبنقولش جامد بس، لازم جامد متبوعة بحاجة بداية من أوى لطحن لأخر حاجة لحمادة لتحرير، وثانياً أن اسئلة الإمتحانات متوهمة للغاية تخيل سؤال بيقول "بصفتك محاسب فى شركة كذا، أو مدير بنك  كذا أو عامل نقل فى مصنع كذا"

-ايوة كذا دى مجموعة شركات وبنوك ومصانع-

فأنا مثلاً لو كنت مديراً لبنك ومع اول رجل أعمال يحدثنى عن بناء مشاريع من أجل البلد سيكون كل ما بالبنك ملكاً له وبالطبع سيبنى اهراماً من الدولارات فى سويسرا ولسان حالى يقول مقتبساً من إسماعيل ياسين جملته الشهيرة: روح يا شيخ ربنا مايحرمك منى!



6- الغش الحديث

طرق الغش صارت اكثر حداثة وابتكاراً فالموبيل اصبح يلعب دور كبير وإسلام بتاع البرشام غير نشاطه، ذلك الماكر يأتى كل امتحان وهو يحمل شنطة بلاستيكية بها أدواته ثم يفرغها ويضعها جانبه وعندما يسأله عنها المراقب يمسكها ويهزها بقوة قائلاً: فاضية!
ولكنها بالتأكيد مش فاضية حيث كتب عليها المنهج كاملاً، صايع يا إسلام!
الحقيقة بالرغم من طريقته المستفزة إلا أن أنا سعيد لإنه خدع مراقب الدور الذى يظن نفسه شيرلوك هولمز أو بروفيسور سنيب!



7- أدهم

كنت أراجع المادة قبل الأخيرة مع مدرس يشرح لى تلك الأشياء العجيبة التى بدأت أفهمها بالفعل وكان معى ملازم كارفن الشهيرة وورق المجموعة، وبعد مقارنة المدرس بين الإثنين وجد أن كارفن تتبع قانون مختلف عن قانون الدكتور وطبعاً إللى هيحل بطريقة غير طريقة الدكتور سيندم ندماً فظيعاً، وبدء المسكين يكلم المجموعات الأخرى التى يدرسلها ويصرخ بوجهى كل خمس دقائق: الله يخربيتك يا أدهم!
مين أدهم ده؟
وفى اللجنة اخبرت زملائى بالأمر وطبعاً أبطال قصتنا رد فعلهم على شىء كهذا لم يكن: ما هذا بحق الجحيم؟
فهم يقولوا "يالهوى" مثلاً ..
وحاجات تانية لا داعى لذكرها هنا، أو ممكن يقولوا ببساطة: الله يخربيتك يا أدهم!


ملحوظة اخيرة: جميع الشخصيات حقيقية ومستعد أشهد عليهم شرط إحتسابى شاهد ملك، وما زال البحث جارى لمعرفة هوية أدهم!


***