اعتصر النرد فى يده بقوة ثم مال
عليها بفمه مردداً كلمات لم يتضح لرفاقه منها سوى "سداد الدين وأخر مرة"
فعلت ضحكاتهم، وألقى النرد ..
بدت له حركة النرد بطيئة للغاية
وهو يتمايل يميناً ويساراً ومع كل حركة
يتذكر أهمية تلك الرمية، نعم يعلم أن الميسر حرام وقد عاقبه الله بضياع أمواله،
ولكن عليه الإستمرار، عليه البحث عن فرصة أخيرة ..
فرصة وقوف النرد على رقم ستة!
تستمر حركة النرد فيلمح رقم
اثنين ليذكره بالخسارة التى تسببت فى رهن بيته
يكاد النرد يقف على رقم اربعة
فيعلو صوته بالدعاء وهو يتذكر اول سرقة
واول دين لم يسدده بعد، واخيراً
يقف النرد على رقم ستة!
لوهلة أتسعت عيناه وتجمدت حركته
ثم قفز فرحاً صارخاً فى حالة هيستيرية من
الفرح، إنها رمية العمر كما يقولون!
ألقى بكل جسده على الأموال التى
تبعثرت فوق الطاولة وأحتضنها بقوة كمن يتمسك بلوح خشبى خشية الغرق حتى هتف أحدهم
غاضباً: عليك إعادة الرمية، تلك الرمية باطلة!
أحمر وجهه وعيناه وهو يأن: لا،
إنها أخر أمل، أخر سبب تبقى لى للبقاء على قيد الحياة!
فهتف الأخر بحدة: أتريد العراك؟
قلت لك أعد الرمية!
قالها وأمسك بقطعة خشبية فإنتزع
صاحبنا نفسه من على الطاولة واخرج مطواة ليهدد بها الرجل الذى قفز عليه ليهاجمه
فاخترقت المطواة قلبه!
اول روح يزهقها ..
كل هذه الأفكار كانت تدور برأس صاحب
رمية النرد وهو يتذكر كلمة إعدام من فم القاضى، تلك الكلمة التى اخترقت قلبه كتلك
المطواة التى زرعها فى صدر منافسه!
يشاهد ذلك الحبل السميك يتدلى
أمامه فيدخل رأسه راغماً ..
يسأله أحدهم: أتريد شىء اخير؟
يرد ساخراً: إعادة رمية النرد!
***