لا داعى لذكر الاحداث العجيبة
التى أدت بى لهذا الموقف فالموقف ببساطة أن أنا فى مصيف وعايز أركب عجلة ..
عادى يعنى!
رحت لرجل تأجير العجل -لم يكن يمتلك محل ومبيدفعش
ضرايب- وأخترت أكبر عجلة موجودة وهوبا!
كانت أول مرة أركب فيها عجلة من
عشر سنين وحتى لما ركبتها من عشر سنين كنت بركبها بأربع عجلات لا بأثنتين كالتى
أخذتها من الرجل، ولكم أن تتخيلوا ما حدث، ركبت العجلة وبدأت أقنعها أنى بعرف أسوق،
فى البداية كادت أن تقتنع ولكن مع أول مطب وجدتها تطير بعيداً بينما أكتشفت أنا
قدراتى العنكبوتية على تفادى الأصطدام مع العجلة التى تواجه مصيرها وحدها، ورجعت
للرجل بمشهد تكرر كثيراً ..
يجدنى المسكين عائداً بالعجلة وقد
حملتها بدلاً من أن تحملنى هى فيعطينى غيرها لأجربها، وطبعاً التلاكيك مفيش أكتر
منها ..
دى العجل بتاعها لونه مش عاجبنى،
الدريكسيون بيسحب شمال، الجنزير ريحته وحشه، الفرامل مش مستريحلها نفسياً، وهكذا
..
وفى كل مرة ومع كل عجلة جديدة أحاول
تشجيع نفسى فتذكرت شهاب بشجاعته وعزيمته التى لا تقهر، وبسام بطيبته وجدعنته،
ومصطفى بإبتسامته الحمقاء، وكريم .. اللعنة على ذلك النذل الأحمق!
وسقطت على ذكر كريم ..
ومرة أخرى أحاول إقناع نفسى
بدلاً من العجلة أنى بعرف أسوق وتذكرت أفلام الأبطال الخارقين ولكن النهاية كانت دائماَ
جسدى ملقياً على الرصيف والعجلة تجثم فوق صدرى، وكالعادة ذهبت للرجل وتوقعت إنه
سيقول: ثق فى قلبك يابنى!
أو يربت على كتفى ويقول فى
حماس: أتقدم، أتقدم!
أى شىء من هذا القبيل ..
إنما أنه يصرخ بى: حرام عليك يا
حيوان كسرتلى نص العجل إللى
حيلتى!
كان هذا أخر ما أتوقعه ..
لمعت دمعة تمساحية فى عينى وصعبت
على الراجل الذى قال بصوت خافت: أنت شكلك طيب، هديك الوحش إللى عندى، خد أهى عجلة
جديدة فيها سرعات كتير وفرامل شغالة والجنزير بريحة الليمون
ولأول مرة أقتنعت أنا والعجلة
فى أن واحد إنى بعرف أسوق، وظللت أردد وأنا أطير بها دون سقطة واحدة فى ترتيلات
طفولية مش عارف أيه إللى جابها: يلا يا بطتى، يلا يا قطتى!
قمة السعادة وقد مرت خمس دقائق
كاملة دون خدش واحد حتى ظهروا هن
بعض الفتيات يعبرن الشارع
بالتصوير البطىء ..
-بالمناسبة حلو ضمير هن ده-
الحقيقة إنه بالرغم من أننى
أصبحت أسوق بمهارة إلا أن هناك مشكلة بسيطة، أنا لا أعرف كيف أوقف العجلة دون
تصادم!
فصرخت: هنستعبط؟ ما أنا هنا من
بدرى!
كنت أقترب بسرعة وهن مش عايزين
يعدوا الناحية التانية وثبتوا فى وسط الطريق وحدثت الكارثة!
كل ما أتذكره إننى كنت راقد على
الأرض ولا أحس بمعظم أجزاء جسدى والوحش ترقد جانبى وقد فقدت بعض القطع الغير مفيدة
كالعجلة الأمامية والجنزير، وفتحت عيناى لأجدهن ينظرن إلى ببلاهة ..
فأغلقت عينى ثانية بقوة داعياً
الله أن يختفوا وفتحتها بعد أن أبتهلت إبتهال السنين عسى أن يختفوا، ولكننى وجدتهن
مكانهن وإحداهن تقول: أعوذ بالله!
وأخرى تردد: ما شاء الله!
فوجدتنى أقول بصوت واهن: حسبى
الله!
وطبعاً لكم أن تتخيلوا ما فعله
بى الرجل وقد جلس يبكى وحشه الذى تحول لقطع غيار ممتازة ..
وقضيت اليوم التالى من المصيف
ممدداً على الفراش وقد أتخذت قراراً لا رجعة فيه أننى لن أركب عجلة ثانية .. أبداً!
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق