الثلاثاء، 5 يوليو 2011

قصر من الرمال - قصة قصيرة


كان قد انتهى من بناء قصر رائع من الرمال على ذلك الشاطىء الواسع ..
يجلس وحده على الرمال متأملاً قصره الرملى بإعجاب ثم اتجه بنظره صوب البحر يراقب الامواج، موجة فأخرى وعادت به ذاكرته لطفولته يوم كان يبنى قصوراً رملية أقل دقة من قصره هذا، ولكن دائماً ما كان يحطمها أحدهم، لم يكن يعرف أى منهم ولم يعرفوه ولكنهم كانوا يحطموا قصره فيتحطم معه قلبه بينما يكملوا هم ضحكهم وعبثهم فيبنى قصر جديد على أطلال القديم أملاً فى رحمة الأقدار عسى أن ينجو القصر الجديد من مصيره المحتوم ..
موجة فأخرى ويعود لواقعه الحالى ويضيف بعض اللمسات النهائية على قصره الرائع وعندما انتهى من إضافة تلك اللمسات الأخيرة باغتته قدمها لتحول القصر إلى كومة من الرمال وعلت ضحكتها الساخرة على صوت الموج فى ذلك الشاطىء الذى خلا من المصطافين، لا لشىء إلا لأنهم كانوا بالشتاء!
كانت زوجته التى يقضى معها شهر العسل بأحدى شواطىء فرنسا بناء على رغبتها، وبالرغم من إختلاف شواطىء مصر عن شواطىء فرنسا إلا أن المشهد واحد، قصر جديد يحطمه أحدهم ويضحك عابثاً!
لم ينطق بحرف فبادرته هى بالكلام ..

    -  ساعة وأنت تجلس هنا وحدك وتتركنى وحدى فى شهر العسل؟
-        وجدتك نائمة ولم اشأ ايقاظك
-        لقد مللت الجلوس بالمنزل، أتمانع لو خرجت وحدى لشراء بعض الأغراض من السوق الكبير؟
-        ولماذا وحدك؟
-        لا اعلم، ربما لأنك تفضل الجلوس هنا وسط رمالك الحمقاء؟
-        حسناً اذهبى أنتِ لإرتداء ملابسك وسألحق بك لاحقاً لنذهب سوياً

قالها فتركته وذهبت مسرعة نحو المنزل فشرع هو فى بناء قصر جديد وهو يفكر فى زواجه هذا، كان زواجه هذا كقصر من الرمال، يبدو جميلاً ورائعاً ويعجب به الناس ويباركه الاهل والاصدقاء، ولكن فى النهاية ركلة واحدة كفيلة بتحطيمه تماماً!
لم يكد يكمل أسبوعين هنا وقد ملّها وربما ملّته هى قبل ذلك بكثير، لأول مرة تختار امه شىء لا يناسبه، لإنها فى النهاية ليست بشىء، تلك الأمور لا تسير هكذا!

طوال الطريق للمنزل كانت تستعيد ذكريات ذلك الزواج التعس ..
لم يكن زوجها بالرجل سىء ولكنه ممل وسخيف، أخيراً فرصة للخروج من ذلك الجو الكئيب، ارتدت ملابسها بسرعة وعادت للشاطىء لتجده يعبث بالرمال ثانية فقالت فى حنق: أنت لازلت هنا؟
نفض يديه من الرمال وقال: سأدخل حالاً لإرتداء ملابسى
قالها وقد إنتهى من بناء قصر أخر واتجه بخطى ثقيلة نحو المنزل ..
بينما وقفت هى تنظر إلى البحر والهواء يداعب خصلات شعرها ففتحت تلك السلسلة التى ظهر بها صورة رجل غير زوجها وما أن رأته حتى لمعت دمعة حزينة فى عينيها فركلت القصر الرملى ..
ثانية!


***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق