الأحد، 21 أكتوبر 2012

لا يمكن أن تكون - قصة قصيرة

"لا يمكن أن تكون هذه هى النهاية" قالها مستجمعاً كل ذرة ألم اجتاحت جسده، قالها دون أن يحرك شفتيه، فقط ترددت داخله لتنتابه رجفة شديدة بعدها ..

بدأ الأمر فى تلك الليلة التى قرر فيها ذلك الشاب الذى لم تتجاوز سنوات عمره الثلاثين السير بمفرده رغبة فى التفكير، التفكير فى وضعه الحالى وفى المستقبل ..
كان يرتدي ثياباً بسيطة تناسب تلك النزهة الليلية، شعر بصفاء الذهن وسحره الليل كما سحر آلاف الأعين الساهرة ..
أطلق صفير منتظم عبر شفتيه للحن دائماً ما أعجبه وبدأ التفكير فى مشاكله باحثاً عن أى حل يجوب به عقله أو يلهمه إياه ذلك الليل الساحر أو القمر الشبه مكتمل الذى كان يتبعه منذ غادر المنزل، ووسط انشغاله بكل هذا صدمه ذلك الصوت الضخم هاتكاً طبلة أذنه: لو طلعت حس هصفيك!
قالها شاب غليظ الملامح  يملك جسد يناسب صوته تماماً ثم دفع فريسته ليلصقه بأحد جدران شارع خلى من المارة وبمجرد أن اصطدم بالجدار هطلت عليه أمطار من التراب والغبار ..
كانت المرة الأولى التى يمر بها بموقف كهذا، توقف جسده عن الحراك وعقله عن التفكير ..

"طلع اللي معاك وروح سليم، فرصة مش هتتكرر!" زمجر بها ساخراً ثم أخرج مطواة وفتحها فى حركة سينمائية رغبة فى إرهاب الضحية ولما لم يجد منه رد وضعها على وجهه فأحس بها تنازع طبقات جلده محاولة رسم خط أحمر من الدماء ..
كانت محتويات جيوبه هى هاتفه المحمول ومحفظة ضمت ما تبقى من مصاريف الشهر، أشياء لا تستحق المخاطرة بالحياة من أجلها ولكن لسبب أو لآخر فعلها، هو نفسه لا يعلم من أين أتت تلك الشجاعة!
ربما خوفاً من الألم؟ أو لأنه لو رُسم خط الدماء هذا لكان كفيلاً بتدمير مقابلة الغد مع عميل مهم، حتى لو أعطى للسارق ما يريد ربما يترك له علامة ما كتذكار!
كل هذا كان يجول برأسه حين ركل مهاجمه بين قدميه مستجمعاً كل قوته فصرخ الآخر متألماً ولكنه تشبث بقدم الشاب ودفعه أرضاً غارساً المطواة فى إحدى قدميه ثم انتزعها وسقطا سوياً فى اشتباك ملحمي كعناق غير مرغوب فيه وعلت صرخة ألم ..

كل الأحلام، الآمال، كل ما فكر بتحقيقه كان يدور أمام عينيه وهو يهتف بقوة: لا!
ثم انتزع المطواة من يد مهاجمه وأعادها له ثانية فى قلبه ..
وحين استلم قلب السارق مطواة كانت تمسكها يداه من دقائق كوسيلة لكسب العيش وأدرك ما هو بصدده هتف صوت داخله: لا يمكن أن تكون هذه هى النهاية!


***

غرباء جدد - مقال

الوقت يمضى على تلك الكرة الزرقاء التى تدور فى سماء واسعة لا يعرف لها أحدنا بداية أو نهاية، تبدو لك من الفضاء الخارجى هادئة متزنة ساحرة وكلما اقتربت تتضح المعالم أكثر ..
هذا كوكب يعانى، ويعانى بشدة!

الدراسات تقول أن الدلائل تشير إلى أن الانسان الحديث وجد بأفريقيا قبل مائتى ألف عام، الانسان سيد هذا الكوكب وحاكمه الحالى، وحين تنظر للبداية ستجد تفسيرات مختلفة بأختلاف المذاهب والعقائد، تفسيرات مختلفة تناقش أمر واحد .. كيف كانت البداية؟
الان تخطى عدد سكان الارض السبعة مليارات نسمة، يختلفون فى الألوان والأشكال والطباع والإنتماءات .. والأديان!

الأديان التى أعتنقها البشر على مر العقود وصاروا حتى يتوارثونها، الأديان التى لطالما شغلت الحيز الاكبر من الفكر الانسانى وأثرت فى أساليب الحياة الانسانية ..
عبر التاريخ هناك محطات فاصلة أدت لوضعنا الحالى هذا بدءاً من أدم وإنتهاء بالنبى محمد، عن المحطات المؤثرة التى غيرت مسار الحياة البشرية نتحدث ولندع الاحداث الفرعية جانباً، وليكن حديثنا عصرى بطعم القرن الواحد والعشرين تبعاً للتقويم الميلادى، فبمجرد مولد طفل جديد فى هذا العالم يكتسب تلقائياً ديانته ويطلق عليه أسم يناسب هذا الديانة، ولو كان هذا الطفل من تلك النوعية الكسولة منا فسيرضى بدينه هذا وسيحاول القيام بما يضمن له مقعداً فى جنة لم يرها أو يحاول اتقاء نار أحس قسوتها فى دنياه، ولكن دعونا من هؤلاء ولنبحث مع أصحاب التطلع والفكر، هؤلاء الناس الذين لا تتوقف عقولهم عن طرح أسئلة يعجزون عن اجابتها فيبدء كلّ رحلته الخاصة فى البحث، البعض يجد ما يكفيه من اجابات يطمئنّ بها، والبعض الأخر يلقى السؤال تلو الأخر دون توقف ..
ماذا لو جعلنا الأمر اضيق واضيق؟ لنتحدث عن حال الأمر فى مصر وتحديداً بين مسلميها ..

فى مصر أنت لا تمتلك الكثير من الاختيارات، وسط هذا الكم الهائل من السكان أنت لا تمتلك كثيراً من الفرص، ولكن عندما يتعلق الأمر بالدين فمن الواجب الوقوف والتفكير جيداً، إنها حياة أبدية تلك التى نتحدث عنها بعد الموت ..
لا مجال للمزاح، لا مجال للأخطاء!

لو تحدثت عن هؤلاء الملحدين مع رجل الشارع العادى لما اكترث للأمر وسيتسائل إن كان هؤلاء موجودين حقاً بيننا!
بالرغم من أنه يراهم وربما يتعامل معهم يومياً، بالتأكيد هو لا صلة له بالانترنت، ذلك العالم الذى تختلف فيه الاقنعة والازياء ..

بالرغم من كرهى لإستخدام ضميرى "هم ونحن" إلا أن الواقع يفرض ذلك، هم بيننا بعضهم يظهر أمر إلحاده هذا والبعض الأخر يكتمه، يختلفون فيما بينهم فى الافكار ولكن مبدأهم واحد، يتخذون من شبكات التواصل الاجتماعى منبراً للحديث ومؤكد أن فكرة كونهم ملحدين تجعلهم كالمغناطيس تجذب لهم السباب والنصائح والمناقشات الجادة أحياناً ..

لو تحدثنا عن ما أودى بهم لمصير نراه سىء لا خير فيه فهو نحن ..
المسلمون حول العالم ليسوا سفراء جيدين للاسلام، لا يمثلونه بشكل جيد،
لا يعكسونه كما يجب أن يكون والأسوء .. يتحدثون بأسمه ظلماً وجهلاً!
سقطات الشيوخ المتتابعة وتصريحاتهم الواهية، اجاباتهم التى تفتقر للحكمة والمنطقية وتهربهم من الاسئلة بدعوى أنه لا يجوز أن تُلقى أو تُسأل من الأساس!
والعامة مثلهم وأضل سبيلاً، نسوا الدعوى بالحسنى وصار تبادل السباب والشتائم البديل المتواجد بخزائن عقولهم الساذجة، صار من السهل أستفزازنا وجعلنا أضحوكة العالم بأسره، نقتل بعضنا البعض بقلوب مطمئنة وأيد باردة ولنكن صادقين ربما أمتلك هؤلاء الملحدين من الرحمة ورفض الشر ما جلعهم يتركون لنا الدين بأسره، هى حماقة بلا شك ولكنها تحمل بصمات أيدينا على كل ركن منها!
ماذا لو كنا دافع أو سبب؟ ماذا لو تحملنا جزء من الذنب وما أعظمه؟
أسئلة عديدة عليك أن تلقيها أمام مرآة وتنتظر اجابة ما من داخلك، اجابة ما تنطق بها عينيك ..
لعل الهدف الأهم من هذا القول هو طرح القضية وسحب الرؤوس من الرمال، لعل غايتى من هذا القول هو دقات متتابعة على طاولة نام كل من جلسوا عليها وأطالوا النوم، دقات مزعجة متتالية تتبعها صرخة "أستيقظوا!"
لعلنا نستعيد بعض العقل، ولعله رجاء إن كنت لا تمتلك من الدين ما يكفى لتناقش أحدهم لا تقترب منه، أرجوك لا تسبه بأمه وأبيه فهذا لا يجعلك باراً بدينك ولا يزيده إلا عنداً
أما هم، فربما دافع من الاحباط قادهم لهذا، ربما لم يجدوا اجابات شافية، ربما أرهقهم كم الظلم الذى أنتشر على أيدى البشر، ربما صرخوا بأسم الخالق ليرفع ذلك الظلام الذى يسكن الارض ولم يجدوا اجابة ..
ربما لم يفهموا بعد كيف تسير الامور، لا يمتلكون تلك البصيرة، تلك الطمأنينة التى تعلمك أنه لكل ظلام فجر جديد، وبالرغم من إنهم لا يؤمنون به، إلا أنه قادر سميع عليم بعباده!
شىء ما داخلنا يصرخ بوجوده، ربما لأنه نفخ فينا من روحه؟
كل هذا لم يخلق عبثاً، هناك هدف وهناك خالق!
ربما فعلوها جذباً للاهتمام، واستمروا فى الأمر خشية تلك النظرات الشامتة التى تحمل جملة واحدة "كنت مخطىء وكنا على حق"
لعل الختام هو تكرار للرجاء ..
السباب لا يفيد أحد، كن واجهة جيدة لدينك أولاً قبل أن تنصح غيرك ..
لاتزيدوا الامر سوءاً!


***

الجمعة، 5 أكتوبر 2012

ختام - قصة قصيرة

كل ما مضى بدا كالحلم ..
لم أعتقد يوماً أن الامر سيسير هكذا!
لقد فكرت به، تخيلته وحلمت به فى كوابيس عدة ولكن شىء ما داخلى كان ينكره، شىء ما داخلى حاول إقناعى بأننى مختلف وهاهى الايام أثبتت كذبه!

بدأ الأمر فى وقت بين النوم واللانوم ..
صداع خفيف سيطر على رأسى فاستسلمت للفراش ولم أتوقف عن التفكير فى ما سيكون، أحداث كثيرة على وشك القدوم وكان علىّ أن اصبح دائماً جاهز حتى لا يفاجئنى القدر .. جملة لطالما رددتها!
التجمد، ذلك الخدر الذى أصاب قدماى فى البداية ثم إنتشر عبر جسدى،
الممر الضيق وذلك النور فى نهايته ..
"عليك إنجاز العمل قبل نهاية هذا الشهر" جملة المدير المعتادة تتردد فى أذنى، جملة المدير التى لها علىّ وقع سوط من نار، ولكن لماذا الآن؟
أى نوع من أضغاث الأحلام هذا؟ ولماذا بدا حقيقياً للغاية؟
مئات الدراويش تجمعوا حولى، لا أعتقد أن غرفتى تتسع لكل هذا العدد!
يذهبون برؤوسهم يميناً ويساراً ولا يتوقفون مرددين أذكار لم اسمع لها شبيه من قبل ورائحة بخور تتسلل إلى أنفى بين الحين والآخر ..
كنت قد وصلت لآخر درجات التجمد وفقدت أى إتصال بأى من أجزاء جسدى الذى تحول لونه للصفرة، فقط رأسى تعمل وتجاهد محاولة معرفة ما يحدث، وفجأة توقف صوت الدروايش ولم أجد للبخور حضور وسط أنفاسى وساد الظلام، ظلام حقيقى لا يشوبه قبس من نور، ظلام أشد حلكة من ذلك الذى تراه حين تغمض عيناك، وحينها سقطت!
سقطت فى ذلك الممر الشاسع بسرعة شديدة، فزع دون صراخ وسقوط بلا مهبط، سقوط حر فى ذلك الظلام نحو اللانهاية ..
إستمر الأمر هكذا حتى أحسست إنه مضى آلاف السنين وحين ظهر ذلك الضوء الشديد فى نهاية الممر شعرت إنه لم يمضِ على سقوطى سوى ثوانٍ معدودة، كنت أقترب من الضوء فلم تحتمله عيناى وعلا صفير حاد مخترقاً أذنى فصرخت، وكلما إقتربت من نهاية الممر علا الصفير وعلا صراخى حتى إقتربت تماماً وإختفى كل شىء ..
لا أعلم كم مضى من الوقت وأنا فاقد للوعى ولكن حين فتحت عيناى ثانية كان كل شىء قد إختلف وكأننى أنظر للعالم بأعين جديدة، أنظر للعالم نظرة مختلفة تماماً، دارت عيناى بالغرفة لأجد إنه لم يمضِ على فقدانى للوعى سوى خمس دقائق فحسب ثم وقعت عيناى على ذلك الجسد الملقى على الارض بجوار الفراش .. جسدى!
حينها أدركت إننى لم افقد الوعى بل فقدت الحياة!
إعتقدت إنه سيصيبنى إحساس حزين حين أرى جسدى وقد انفصل عنى، ولكن هذا لم يحدث!
أردت إلقاء نظرة على ما أكون الآن ولكن المرآة تجاهلتنى تماماً، كنت أشعر بالصحة والقوة، عيناى ترى كل شىء بوضوح شديد، حتى الألوان إختلفت!
لا أعلم ما على فعله الآن ولكن حين حاولت المضى بعيداً عن الغرفة لأبحث عن زوجتى لم استطع!
شىء ما كان يجبرنى على البقاء جوار جسدى، حقيقة لم اكن أعلم فى أى وضع أنا، أنا لم أكن اقف على قدمى أو حتى طائر، أنا فقط كنت هناك ..
وبدأت لحظات الإنتظار المملة، جل ما أريده الآن أن تأتى زوجتى!
لا أعلم كيف حدث هذا ولكن بمجرد أن تمنيت الامر مضى الوقت بسرعة فائقة حتى سمعت صوت زوجتى تنادى وتقترب من الغرفة وحينها ظللت أردد: هيا يا عزيزتى أسرعى!
فتحت الحجرة وما إن وقعت عينيها على جسدى الملقى بالارض حتى صرخت وإقتربت تنادينى فى يأس حاملة جسدى بين يديها وحين تأكدت إننى قد فارقت الحياة بدأت بالصراخ والبكاء ..
لم يمر علىّ أى شعور آدمى منذ وجدت نفسى فى وضعى هذا، حتى عندما وجدت جسدى ملقى أمامى وأدركت إننى فارقت الحياة لم أفزع ولكن بكاء زوجتى كان يؤلمنى بشدة، صرخاتها ودموعها تزلزل كيانى الجديد!
ظلت تبكى وتصرخ قليلاً ثم اجرت إتصالات هاتفية بأقاربها، لحسن الحظ كانت هى الاسرة الوحيدة التى أمتلكها، لا أقارب لى ولم يرزقنا الله بالأبناء
كنت أقترب منها وأنظر فى عينيها الباكيتين، كم أعشقها!
لم أحس بأى غيرة وأنا أتمنى لها زوج يشاركها ما تبقى لها من العمر، كنت أشعر براحة وسلام نفسى لم يسبق لى الوصول إلى هذه الدرجة من قبل وكأننى خلعت رداء الأنانية والشر والبغض ..
مع مضى الوقت نظرتى الداخلية والخارجية للحياة تغيرت، المشاعر صارت أنقى والألوان أوضح ..
لم يمض الكثير حتى أتى الأقرباء واحداً تلو الاخر، حقيقة كان ما تراه الأعين أن الحزن يتراقص على وجوههم بينما تتساقط بعض الدموع وتنطلق صرخة أو اثنتين من آن لآخر لتكتمل سيمفونية رثائى، كنت لأكون سعيداً بحق لمشاعرهم الطيبة، هذا لو كنت لازلت أرى عبر ذلك الجسد أما الآن فأستطيع تمييز حزن والدة زوجتى، إنه ليس من أجلى إنها تبكى إبنتها التى حملت لقب أرملة فى هذا السن المبكر، أستطيع تمييز نظرات إبن خالتها لها وهو يمنى نفسه بأخذ مكانى فى حياتها، ولكننى لا أشعر بالسوء لكل هذا ..
وأخيراً بدأت المراسم كما توقعت، وضعوا ملاءة بيضاء لتغطى جسدى وأجروا بعض الاتصالات الهاتفية وحينها تقدم الوقت ثانية ..
وجدت نفسى أرقد على منضدة حديدة ورجل غريب يصب الماء الساخن على جسدى العارى، كان الماء شديد السخونة والبخار يتصاعد من كل أنحاء جسدى ولكننى لم أشعر بشىء بالطبع مع إننى متأكد أن كل خلايا جسدى كانت تصرخ من الألم، شعور بالرضا إجتاحنى حينها!
لم يدخل علىَّ أحد بعد أن إنتهى الرجل سوى زوجتى مستندة على كتف أمها التى رمقتنى بنظرة خاوية أما هى فطبعت قبلة حانية ممزوجة بالدموع على وجنتى وغادرت، وحينها تقدم الوقت ثانية لأجد نفسى محمولاً على الأعناق فى جنازة مهيبة يعلو بها صوت الصراخ والبكاء ..
أنا حتى لا أعرف أياً من تلك النساء، أى مجاملة حمقاء هذه!
صوت الصراخ كان مصدر ضعفى الوحيد، لم أعرف طعم الألم إلا على نغماته الحزينة، لم يكن يهدىء من روعى إلا تلك التمتمات الداعية ..
وأخيراً وصلت المسيرة لمنتهى المطاف، كنت أنظر لشواهد القبور من حولى، جميعهم قضوا أضعاف أعمارهم فى هذا المكان ..
مكان واحد ينتمون إليه ولم يغادره أياً منهم، كنت أستطيع رؤيتهم ينظرون إلىّ، بعضهم واجم والبعض الاخر هادىء مبتسم ..
أخيراً وضعوا جسدى بذلك المكان الموحش وأحكموا إغلاقه وكأنهم يخشون أن تدب فى حياة أخرى وأحاول المغادرة ثم جلس بعضهم يبكى ويصرخ ليجتاحنى الألم ثانية والبعض الآخر يتمتم بالادعية التى لم أفهم معظمها ولكنها كانت تشعرنى بشىء من الطمأنينة وبمجرد إقتراب حلول المساء صاروا ينسحبون واحداً تلو الاخر حتى غادر الجميع، وحين حل الليل فقدت الإتصال بذلك العالم ..

كنت شديد القرب من جسدى الذى أصبح وجبة دسمة لدود الارض محدقاً فى الظلام الذى إختلف كثيراً وصار أكثر كآبة، ظلام خالص لا يعرف له النور طريق، ومنتظراً حدوث شىء ما ..
لا أعلم إن كان قد أسرع بى الوقت ثانية أم أننى ظللت أنتظر ولكن فى كل الأحوال لم يطل إنتظارى ..
وسمعت النداء!


***