الثلاثاء، 15 فبراير 2011

بطاقة الحلاوة - قصة قصيرة


لسبب أو لأخر قرر المدير أن يكون العمل اليوم لنصف الوقت فحسب، وفور سماع زملائى هذا تعالت صيحاتهم بسعادة مفرطة بينما أخذت ابحث عن ذلك اللعين!
مفتاح الشقة! ولم أجده، نسيته كالعادة ..
قدت السيارة متجهاً للمنزل وأنا أحاول الإتصال بزوجتى ولكن هاتفها الجوال كان مغلقاً كالعادة فهى تنسى دائماً إعادة شحنه، هذه العائلة تنسى كثيراً، اليس كذلك؟

كنت قد اقتربت من المنزل ولابد من محاولة فقد تأتى زوجتى مبكرة ..
إنطلقت مسرعاً ثم أعتصرت جرس الباب بإبهامى ولكن لا حياة لمن تنادى
فنزلت الادراج حتى وصلت لبوابة العمارة فوجدت عم سعيد يجلس وبجواره مقعد فارغ فأتجهت إليه قائلاً بخيبة أمل: شكلى هستنى جنبك يا عم سعيد لحد ما المدام توصل
رد فى سعادة مصطنعة: ده أنت تنور، أتفضل يا بيه!
جلست بجواره كان ينقل أغراضه من محفظة قديمة لأخرى جديدة، ولاحظت وسط أغراضه بطاقة إنتخابية فتعجبت وسألته بحيرة: أيه ده يا عم سعيد، أنت معاك بطاقة إنتخابية؟
أجاب فى فخر وزهو: أمال يا بيه دى معايا من 4 سنين!
فسألته بإهتمام: وبتروح تنتخب مين؟
ترك الاغراض من يديه والتفت إلىّ قائلاً: بروح كل موسم أنتخب الدكتور المرشح وأخد الحلاوة بتاعتى
رددت فى دهشة: الحلاوة؟
أجاب بسرعة: أيوة يا بيه الحلاوة!
تابعت سيدة قادمة عسى أن تكون زوجتى ولكن لم تكن هى فالتفت لعم سعيد ثانية وسألته بفضول: وعملت أيه فى الإنتخابات الرئاسية يا عم سعيد؟
أبتسم فى خبث وقال: ده الموسم الكبير بنروح وناخد الحلاوة الكبيرة
رددت فى دهشه: موسم وحلاوة؟
أجاب فى إستياء: أيوة يا بيه، بعد أذنك حد من السكان بينادى

تابعته يمضى ولم يكد يدخل بوابة البناية حتى تعالت صيحات فى الشارع ذهبت لأرى ماذا حدث فوجدت زوجتى تركض نحو المنزل وعم سعيد يركض نحو الشارع العمومى فأوقفت زوجتى وسألتها بقلق: ايه اللى حصل؟
اجابت وهى تلهث: ده الواد صالح أبن عم سعيد خبطته عربية البوكس بتاعت القسم وسابته وجريت، صحيح أنت أيه إللى جابك بدرى إنهاردة؟
رددت بسرعة: هو ده وقته، أطلعى إنتى وأنا رايح أشوف فى ايه
ركضت لأول الشارع فوجدت صالح يفترش الأرض وحوله العديد من الجيران وعم سعيد يضعه بين كتفيه والدماء تسيل منه، كان عم سعيد يبكى بحرارة وهو يولول بكلام غير مفهوم فوضعت راحتى على كتفه وقلت بتأثر: بسرعة على العربية يا عم سعيد نودى صالح المستشفى

أدخله العربة وانطلقت لأول مشفى فى طريقى، كان مشفى حكومى فادخلنا صالح حجرة الطوارىء وجلسنا ننتظر، بينما ينتحب ويولول عم سعيد قائلاً: ده الواد إللى حيلتى!
ثم تماسك وجلس يقرأ القران حتى ظهر الدكتور يسأل عن أهل الصبى فناديت عم سعيد وذهبنا إليه فأخبرنا فى أسى: الضرر كبير فى مفصل الرجل اليمين وهيحتاج عملية تكلفتها كبيرة
فسأله عم سعيد بحذر: كام يعنى يا دكتور؟
فأجاب الرجل بأسف: خمسة عشر ألف جنية!
سألته فى قلق: طب ينفع يتعالج على نفقة الدولة؟
أبتسم فى حسرة وقال: أنت معاك واسطة كبيرة ولا أيه؟
رددت بخيبة: لا!
اجاب وهو يربت على كتفى ويهم بالرحيل: يبقى مش هينفع

اخذت عم سعيد ودخلنا لصالح، كان لايزال تحت تأثير المخدر وعم سعيد  يبكى ويقبل وجهه فربت على كتفه وسألته بصوت خافت: بقولك ياعم سعيد الراجل اللى بتروح تنتخبه ده تعرف تكلموا عشان يعالجوا صالح على نفقه الدولة؟
اجاب بحسرة شديدة: وهو حد بيشوف وشه بعد الموسم يا بيه
قلت له بحماس: ماتخافش يا عم سعيد إن شاء الله نجمع من السكان المبلغ  والواد يتعالج ويبقى أحسن من الأول
نظر إلىّ فى امتنان وأغرورقت عيناه بالدموع ووضع رأسه على صدر أبنه فسقطت من جيبه بطاقة لم يلبث أن رأها على الأرض حتى ركلها بعنف ..
كانت بطاقة الحلاوة!


***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق